محمد شعوان محمد شعوان
recent

آخر الإضافات

recent
random
جاري التحميل ...
random

في فقه التدين فهما وتنزيلا ج. 1 - عبد المجيد النجار - ملخص وتحميل

ملخص:
في فقه التدين فهما وتنزيلا
- الدين هو التعاليم التي جاءت بها الرسالات السماوية ومنها الإسلام، أما التدين فهو كسب إنساني، أو هو استجابة الإنسان لتلك التعاليم وتفاعله معها وتصديقه بها تصديقا عقليا وسلوكا عمليا. وعليه فإن حقيقة الدين تختلف عن حقيقة التدين،
- الدين يتصف بالمثالية والكمال، يصلح لكل زمان ومكان، أما التدين فهو يتصف بالمحدودية والنسبية، بسبب وجود عوائق في طريق الإنسان، هذه العوائق المتمثلة في شهوات النفس وفي البيئة كذلك.
- للدين فقه خاص، فالله تعالى خاطب العباد بالتكليف بطريق الوحي، ولهذا الوحي خصائص ومواصفات، لكن فقه الدين ليس بكاف، فقد يحصل فهم الدين، ولكن لا يحصل تطبيق الدين ( أي التدين ) على الوجه الصحيح.
وإصلاح أحوال العباد لا يكفي فيه فقه الدين، بل يحتاج إلى فقه خاص بجانبه، وهو فقه التدين. لكن هذا اﻷخير أشد تعقيدا من اﻷول، ﻷن فقه الدين يكون دائرا على العلاقة بين القرآن والسنة من جهة وبين العقل المدرك من جهة أخرى. أما فقه التدين فهو يدور على العلاقة بين عناصر ثلاثة: العنصرين السابقين بالإضافة إلى عنصر واقع الحياة الإنسانية.

والاجتهاد المتعلق بتحقيق المناط كما شرحه الشاطبي، هو ما يساوي تقريبا فقه التدين، إذ هو الذي يكون به تكييف اﻷفعال واﻷحداث الجزئية على حسب مقتضيات أحكام الدين الكلية.

فقه التدين في العصور السابقة:

من صور فقه التدين في العصور السابقة، المذاهب الفقهية في نشأتها وتطورها، فهي ليست سوى اجتهادات اﻷئمة في تنزيل الدين على واقع الحياة، مع مراعاة الظروف المختلفة زمانا ومكانا.
وكذلك الحال في أصول الفقه،  حيث نجد مثالا ﻷبرز اﻷبواب اﻷصولية التي كرست لفقه التدين، وهو باب مقاصد الشريعة.
- انحسر فقه التدين لما آل الحال بالفقه الإسلامي إلى التقليد، وهو ما حاولت الحركات الإصلاحية الدينية تجاوزه بعد فترة من الزمن، وهو ما اصطلح عليه بالصحوة الإسلامية...

فقه التدين: آليات تنزيل الدين على الواقع.

يتأسس فقه التدين على محاور ثلاثة رئيسة، وهي الفهم والصياغة والإنجاز.
- الفهم: أي فهم الدين، وفهم الواقع الإسلامي المراد إصلاحه.
- الصياغة: أي أن تكون التعاليم الدينية كمشروع موافق للواقع الزمني والمكاني المراد إصلاحه، حيث نأخذ بعين الاعتبار خصائص البيئة.
- الإنجاز: أي التنزيل الفعلي للمشروع الذي تمت صياغته، من حيث كيفية التنزيل ووسائله وغير ذلك من الأدوات التي تفضي به إلى المستوى المطلوب.

فقه الفهم:
قضية الدين طرفاها الرئيسين: تعاليم الدين وواقع الإنسان.
مثال الدين / التعاليم الإسلامية: أمر المسلمين شورى بينهم.
مثال التدين: أولا: فهم حقيقة الشورى وتحديد عناصرها وأبعادها، ثانيا: فهم واقع المسلمين ( وضعهم الاجتماعي..)

مصدر الدين:

- المصدر الوحيد: الوحي ( القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف)
- خصائص الوحي:
- إلهي المصدر ( القرآن الكريم معنى ولفظا / الحديث: إلهي المصدر في معناه دون لفظه )
- القرآن الكريم: قطعي الثبوت كله / الحديث: قطعي الثبوت في المتواتر (= حجية مطلقة) وظني في الآحاد.
- الوحي ( قرآنا وحديثا) خطاب لكافة الناس في كل زمان ومكان
- ليس في الوحي ما يناقض العقل
- الوحي وحدة متكاملة



الدين بين المراد الإلهي والفهم البشري:

- المراد الإلهي على وجه اليقين ثلاثة مستويات:
-  لا يمكن أن يفهم من نصوص الدين إلا وجه واحد.
- نصوص وحي تضمن معاني بصفة ظنية، يفهم منها أكثر من وجه.
- نصوص لم تتضمن إلا إرشادا عاما مقصديا.
- لفهم الدين، لابد أولا من معرفة حقيقة التدين التي تتراوح بين المراد الإلهي في ذاته وبين ما يحصله العقل بعد اجتهاده في فهم المراد من خلال المستويات الثلاثة السابقة.
- ناقش الفكر اﻷصولي الفقهي حقيقة الدين: هل هي ثابتة سلفا ومستقلة عن الفهم البشري أم ثابتة في بعض القضايا وتابعة للفهم في أخرى؟. وخلاصة هذا النقاش، أن أحكام الله منها القطعي (ثابتة معينة، كأصول العقيدة) والظني.
- اختلف اﻷصوليون في اﻷحكام الظنية إلى فرقتين:
المصوبة: قالوا بأن كل مجتهد مصيب لحقيقة الدين باجتهاده
المخطئة: المجتهد الذي لا يصيب مراد الله الثابت، فهمه خاطئ ولا يعتبر دينا.
اعتبرت فكرة التصويب (المصوبة) أكثر رواجا بين اﻷصوليين والفقهاء اﻷقدم زمنا، ولما مال الفقه إلى التقليد أصبحت فكرة التخطئة اﻷكثر رواجا.

الضوابط النصية في فهم الدين:

الضابط اللغوي:
 
ﻷن نصوص الوحي نزلت بلسان عربي مبين، ومن ثم كان لازما التقيد بآداب اللغة العربية في فهم الدين، وقد نشأت في الفكر الإسلامي طائفتان لم تتقيدا بهذا اﻷمر، هما: غلاة المتأولة من الباطنية، وقوم من الظاهرية (ظاهر اللفظ). ثم طائفة أخرى أهملت علم اللغة العربية وسارت إلى فهم الدين ببضاعتها القاصرة.

الضابط التكاملي:
 
ويعني أن نصوص الوحي تتكامل فيما بينها، نصوص القرآن مع بعضها، ونصوص القرآن مع نصوص الحديث، ولا يمكن الاقتصار على نصوص جزئية لفهم المراد.

الضابط الظرفي:

ويعني ذلك ضرورة مراعاة أسباب النزول وحال العرب وعاداتها أثناء نزول النص، وقد زكى النبي صلى الله عليه وسلم العلم القرآني لابن مسعود بسبب معرفته بأسباب النزول وأمر أن يؤخذ القرآن من أربعة، كان ابن مسعود من بينهم.

دور المعرفة العقلية في فهم الدين:

المقصود بالمعرفة العقلية ما يكسبه العقل بنظره الذاتي من معرفة متعلقة بالكون والإنسان، هل لها دور في فهم الهدي الديني؟
نعم، لها دور في ذلك، لكن ينبغي التمييز بين نوعين من المعارف العقلية: نوع يكون الحق فيه يقينيا أو قريبا من اليقيني (له دور في الفهم)، ونوع آخر يكون الحق فيه مظنونا ظنا ضعيفا أو موهوما (لا دور له، يُترك)

(أ) تعيين المدلول النصي

إن المعارف العقلية التي تستخدم في فهم المراد الإلهي ينبغي أن تكون موثوقة، تنأى عن إقحام الفرضيات الضعيفة، وهذا موقف وسط بين تطرفين: أحدهما ينأى عن تأويل النص الديني بالمعرفة العقلية النسبية، والثاني يسرف في استخدامها حتى يحرف الكلام عن مراده.

تقدير المقاصد:

الدين مبني على المقاصد (مصالح الناس) وهذه إما منصوص عليها أو غير منصوص، ولكن تستنتج بالتتبع والاستقراء. وهذان النوعان من المصالح تفهم من خلال النصوص بشكل مباشر أو عن طريق الاستنتاج...

4 – دور الواقع في فهم الدين:

الواقع معناه: ما تجري عليه حياة الناس في مجالاتها المختلفة من أنماط المعيشة وما تستقر عليه من عادات وتقاليد وما يستجد فيها من نوازل وأحداث. فهل للواقع – هذا – دور في فهم الدين؟
إن فهم الدين لا يمكن أن يتم دون معرفة الواقع، ومن خلال حوار متفاعل بين عناصر ثلاثة: النص الديني، والعقل المدرك، ونوازل الواقع وأحداثه.
وهنا يتأمل العقل في مدلولات النص الديني، ويضيق الفهم إلى أقصى درجة في فهم النصوص القطعية، ويتسع في فهم النصوص الظنية.
وهذا الدور الذي يؤديه الواقع في فهم الدين أسس عليه بعض العلماء قواعد تشريعية تعين على الاجتهاد في فهم المراد الإلهي، منها:المصلحة المرسلة والعرف والاستصحاب.

شهد هذا الدور في فهم الدين تجاذبا بين طرفين متناقضين في تاريخ الفكر الإسلامي، اﻷول: يقطع صلة الاجتهاد في فهم الدين بالواقع، والثاني يكاد يلغي ثوابت الدين بمجريات الأحداث الواقعية، أما الموقف الوسط بينهما فلا يميل إلى تفريط وإفراط كل منهما.

فهم الواقع

الواقع وآلات فهمه:
( سبق تعريف الواقع)
يتميز الواقع الإنساني بالغموض وعدم اطراد الظواهر واﻷحداث، مما يجعل من هذا الواقع عصيا على الفهم اليقيني، ومن ثم لابد من آليات لفهمه قائمة على أسس علمية بعيدا عن التلقائية والعفوية.
المنطلق اﻷول لفهم الإنسان وواقعه هو الانخراط في هذا الواقع ومعايشة الناس والتعامل معهم، والوقوف على مشاكلهم عن كثب.

التجربة التاريخية في فهم الواقع:

- الصحابة والتابعون هم المؤسسون للواقع الإسلامي الأول، ثم جاء جيل المدارس الفقهية في القرنين الثاني والثالث فأرسوا المبادئ الفقهية أصولا وفروعا بما يتبينون من أوضاع المسلمين الواقعية. ( كان الإمام أبو حنيفة يتعاطى التجارة فجمع بين علم الدين والواقع).
ثم جاء الاستبداد السياسي فانكفأ العلماء إلى ذاتهم بعيدا عن المشاكل الواقعية للحياة الإسلامية العامة، قبل أن يعود العلماء من جديد إلى الواقع ( ابن حزم، ابن تيمية، العز بن عبد السلام )، ثم خبت العلاقة إلى حين؛ قبل أن تحيا من جديد خلال ما سمي بالصحوة الإسلامية.

3 - العناصر اﻷساسية في الواقع الإسلامي الراهن:

أ- العامل الديني:

انحسر سلطان الدين على واقع المسلمين، رغم أن الإيقاع العام في التعامل اﻷخلاقي والسلوك الثقافي بقي محكوما بالعامل الديني، لكن هناك من أخطأ في تقديره وفهمه سواء كان من أبناء الصحوة الإسلامية أو من العلمانيين.

ب – العامل التاريخي:

أي تلك العوامل المتراكمة عبر تاريخ اﻷمة الإسلامية والتي أصبحت عناصر مؤثرة في واقعه الحالي. ومن ذلك عنصر الوحدة بين المسلمين، والإحساس الحضاري بقيمة الحضارة الإسلامية، هذا بالنسبة للعناصر الإيجابية، أما السلبية فتتمثل في ضعف الفاعلية والتواكل.

ج – عامل الحضارة الغربية:

ويعني الصدام الحاصل بين حضارة شاملة تنبثق من خلفية مادية؛ وبين بقايا حضارة شاملة تنبثق من خلفية عقدية دينية، مما أدى لشيوع روح الانهزامية في نفوس كثير من المسلمين، بسبب انبهارهم بمنجزات الحضارة الغربية في وجهها المادي على الخصوص.

انتهى الجزء اﻷول


التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

محمد شعوان

2017 - 2018